الخميس، 12 يناير 2012

الأستاذ حيدرة وأحمد النعمان

ذاع صيت الأستاذ محمد أحمد حيدرة وسط رموز الحركة الوطنية في جنوب اليمن،بعد نجاحة في تأسيس المسرح اليمني في الجنوب عام 1927 في مدينة عدن. برز حيدرة كأحد أهم المعلمين في كلية بلقيس بعدن، الأمر الذي قاد إلى أن يستقدمه الأخ الأكبر للأستاذ النعمان للعمل مدرساً في التربة العام 1935. وقد عمل حينها على تأسيس منهج جديد لمقررات التعليم عوضاً عن "الكتاتيب"، وعمل على استقدام مدرسين وشاهد التلاميذ دروسا مختلفة في العلوم والفنون وانشدوا خلف صوت الآلات الموسيقية وهم يرتدون ملابس الكشافة (الجوالة) فيما ارتدى البعض ملابس مسرحية لتأدية أدوار متعددة. وهو الأمر الذي ضاق به النعمان كون حيدرة كان يدرس التلاميذ علوم الغرب ويعد لهم الاغاني والأناشيد الوطنية التي كانت تعد فسقاً بنظره. ولعل أكثر ما كان قد أنزعج منه النعمان طبقاً لروايته في كتاب مذكراته أن شعر بالغيض عندما شاهد الاستاذ حيدره يعزف بنفسه على كلمات اغنية غناها التلاميذ للوطن ولحنها وعزف على كلماتها حيدرة ببراعة على العود، الأمر الذي جعل النعمان يسعى مع الحاكم الشرعي وقتها محمد بن علي المجاهد، لدى عامل التربة لطرده كي لا تتحول "ذبحان" إلى "لبنان". وحين جاء سيف الإسلام القاسم بن يحيى مع أمير تعز علي الوزير، تم سحب حيدرة بأمر من الإمام يحيى.
كان من ضمن الأمور التي أدان بها النعمان الأستاذ حيدرة ليسهل طرده، أنه كان يعلم التلاميذ أن الأرض كروية، وهو الأمر الذي برره النعمان بأنه يخالف النص القرآني الذي استشهد به: "والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي أن تميد بكمً".
وفي معرض الحديث عن إخراج حيدرة من التربة، يروي الكثيرون أنه عندما تم سحبه إلى تعز، كان الإمام قد دبر له كميناً وهو في طريق العودة لقتله، لكنه نجا منه بحيلة بعد أن أحس بما دبر له ، ورتب بعدها للهرب إلى عدن ونجح في ذلك.
يقول الباحث والكاتب محمد ناجي أحمد في كتابه ( الهويات الطاردة ) : انه يصعب استدراك دور الأستاذ حيدره لأن جهود هذا العملاق المسرحي والتربوي، غير موثقة باستثناء اشارات له في المذكرات، أو ماكتب عن تاريخ المسرح في اليمن، لكن الدور التأسيسي الذي قام به حيدره وأحدث من خلاله تطويراً للمسرح.. اخراجاً وتأليفاً وتمثيلاً دور يشهد به مسرح مدينة عدن في عشرينيات القرن وكذا النشاط الثقافي لنواديها والذي كان للأستاذ حيدره ومسرحه حضور متميز وريادي في تأسيس المسرح وتطويره وماقام به في مدينة التربة من غرس القيم الوطنية، وتأسيس هوية وطنية، موازية للهوية المصرية حينها كان ريادياً وصادماً لآفاق الكثيرين وعلى رأسهم الأستاذ النعمان والحاكم المجاهد وعامل التربه، الذين قاموا بالوشاية به إلى الإمام يحيى، واتهموه بالكفر، وبأنه يجاهر بدوران الأرض. ويعلم التلاميذ الموسيقى ويبذر بذور الوطنية من خلال الأناشيد، التي أتت لهم بهوية مختلفة عن هوية التعليم التقليدي، الذي يدور حول نقليات، وتعظيم مولانا أمير المؤمنين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق